أن هروب الفتيات ليست ظاهرة وليدة اليوم، بل هي مشكلة لا بد من الغَوص في أعماقها ، ووضع الحلول الجِذرية؛ باعتبارها أزمة مجتمع، وليست مسؤولية أسرة أو مدرسة.

هروب الفتيات قد يكون سلبيّاً أو إيجابيّاً، فالهروب الذي يكون دافعه وأسبابه القيام بممارسات غير أخلاقية أو سلوك انحرافي يُعَدُّ سلبيّاً، أما الهروب الايجابي، فهو الذي يكون دافعه هروب الفتاة؛ للنجاة بنفسها دون أن يكون الانحراف الأخلاقي سبباً لذلك، كأن تهرب الفتاة؛ لإجبارها على الزواج من شخص لا تريده، أو تكون تربيتها الأُسَرية مُنحرِفة، تعرُّضها للعنف، أو تعرُّضها لمحاولات عنف جنسي من محارِمِها، أو غير ذلك من الأسباب.

وأن من أهم الأسباب المُؤدِّية إلى هروب الفتيات

1_ضعف الاهتمام الأُسَري بالفتيات، ومواجهتهن ضغوطاً أُسَرية مُتعدِّدة؛ نتيجة لجهل الوالدين بأساليب التربية الصحيحة، فضلاً على أن ضعف الوازع الديني بين الفتيات، والاحتكاك بصديقات السوء، يُعَدُّ عاملاً أساسياً في انحراف الفتيات وهروبهن من أُسَرِهن، مُشيراً إلى ارتفاع مُعدَّلات الحرمان العاطفي، واستخدام أساليب خاطئة، والتذبذب في المعاملة؛ مثل القسوة الزائدة، أو التدليل المُبالَغ فيه.

فهناك ربط بين مفهوم هروب الفتيات ومفهوم العنف التي تتعرَّض له المرأة بشكل عام، سواءً من قِبَل زوجها، أو والدها أو إخوتها الذكور، فالعنف ضد المرأة يُشكِّل ظاهرة عالمية واسعة الانتشار، تُمارَس من قِبَل كافَّة فئات المجتمع وطبقاته، وتتسع لتشمل كل تلك الممارسات التي تؤذي المرأة جسديّاً ومعنويّاً واقتصادياً وثقافيّاً، كالإهانة والتحرُّش الجنسي بأنواعه، وقسوة العمل، وإلغاء الحقوق الأساسية.

2_نتيجة لعوامل اجتماعية واقتصادية، وأن استجابة المجتمع لعملية الهروب يُعمِّق المشكلة؛ ليتحوَّل الهروب من سلوك عبثي قد لا تُدرِك الفتاة محدودةُ الخبرة أبعادَه، ومِن مجرَّد "نزوة عارضة" إلى "انحراف وجريمة"، يعاقِب عليها القانون وتُوصَم بسببها الفتاة، ما يُصعِّب من علاج المشكلة، ويُعقِّدها.


3_فجوة بين الأبناء والأهالي نتيجة المُستَحدَثات الداخلة على حياة البنت من سماوات مفتوحة وتقنيات باتت ثوابت حياتية فيما الأهل ليسوا على خبرة ودراية بذلك، مشيرة إلى خطورة اللوم المستمر، وعدم الاحتواء والقهر والضرب والعناد مع البنات. وأكَّدت على ضرورة وجود بدائل وحوار داخل الأسرة من باقي أفراد العائلة "العمة والخالة" اللذَيْن اختفى دورُهما نهائيّاً في الأسرة.



4_ قلة وعي الفتيات حول كيفية حلِّ المشاكل تدفعهن إلى الهروب؛ باعتباره حلّاً، وأشارت إلى أن الهروب أصبح خبرة مُتناقِلة بين البنات، بالرغم من أن هناك طرقاً شرعية لا بد أن تتجه لها البنت التي تريد أن تهرب؛ بسبب كبت أو عنف أو غيره موجودة الآن في المدارس والمستشفيات والأقسام.

و هناك عدداً من الفتيات يتغيبن عن منزلهن، وبعد فترة يتصل بلجان الحماية، وعند سؤالهن: أين كنتن؟ ترد الواحدة منهن: "عند صديقة". وهناك مَن هربت من ينبع إلى جدة، وعند سؤالها: كيف تمَّ ذلك؟ تقول: "هناك شابٌّ ساعدني". وهنا تكمن الخطورة، ويحدث دائماً ما لا يُحمَد عُقْباه، وردَّت على ما يُقال بأن دُوْرَ الحماية تتعامل مع الفتيات بكل حدة، وكأنهن جُناة، ولسن مجني عليهن بقولها: "دُوْر الحماية ليست مكاناً للتشتت، ولكن لحماية الأسرة، وهي في الأساس لإيواء مَن لا ملجأ له".

فما رأيك عزيزي القارىء بطرح بعض الافكار كخطوة نتمنى ان تكون جذرية لحل هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة

مما راق لي